Search This Blog

Search This Blog

Tuesday, January 6, 2015

حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف - دار الإفتاء المصرية - الشيخ علي جمعة والشيخ شوقي علام

دار الإفتاء المصرية
 ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف‏?‏ وما هي ضوابط وكيفية هذا الاحتفال‏,‏ خاصة أنه صدرت
بعض الفتاوي قبل أيام قليلة من ذكري مولده الشريف تحرم ذلك‏,‏ وتدعي أن الاحتفال بمولد النبي بدعة؟
الجواب
إن المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه, فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبي صلي الله عليه وسلم بأنه رحمة للعالمين, وهذه الرحمة لـم تكن محدودة, فهي تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم علي صعيد حياتهم المادية والمعنوية, كما أنها لا تقتصر علي أهل ذلك الـزمان, بل تمتد علي امتداد التأريخ بأسره, قال تعالي وآخرين منهم لما يلحقوا بهم..) سورة الجمعة:3
والاحتفال بذكري مولد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم, من أفضل الأعمال وأعظم القربات, لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلي الله عليه وسلم, ومحبة النبي أصل من أصول الإيمان, وقد صح عنه أنه صلي الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين رواه البخاري.

قال ابن رجب: محبة النبي صلي الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان, وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل, وقد قرنها الله بها, وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك, فقال تعالي قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي الله بأمره.. التوبة:.

والاحتفال بمولده صلي الله عليه وسلم هو الاحتفاء به, والاحتفاء به أمر مقطوع بمشروعيته, لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولي, وقد درج سلفنا الصالح منذ القرنين الرابع والخامس الهجريين علي الاحتفال بمولد الرسول صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتي أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح

ونص جماهير العلماء سلفا وخلفا علي مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف, بل ألف في استحباب ذلك جماعة من العلماء والفقهاء, بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل, بحيث لا يبقي لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكري المولد النبوي الشريف

وقد ورد في السنة النبوية ما يدل علي احتفال الصحابة الكرام بالنبي, صلي الله عليه وسلم, مع إقراره لذلك وإذنه فيه,

فعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه, فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله, إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغني, فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن كنت نذرت فاضربي, وإلا فلا, رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

فإذا كان الضرب بالدف إعلانا للفرح بقدوم النبي صلي الله عليه وسلم من الغزو أمرا مشروعا أقره النبي صلي الله عليه وسلم وأمر بالوفاء بنذره, فإن إعلان الفرح بقدومه صلي الله عليه وسلم إلي الدنيا- بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة في نفسها- أكثر مشروعية وأعظم استحبابا

وقد سن لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالي علي ميلاده الشريف, فقد صح أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: ذلك يوم ولدت فيه فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام علي منة الله تعالي عليه وعلي الأمة بذاته الشريفة, فالأولي بالأمة الاقتداء به بشكر الله تعالي علي منته ومنحته المصطفاه بكل أنواع الشكر, ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك
-------------------------------------------------
معنى الاحتفال

: " والاحتفال في لغة العرب: من حَفَلَ اللبنُ في الضَّرع يَحفِل حَفلا وحُفُلا وتَحَفَّل واحتَفَلَ: اجتمع،

 وحَفَل القومُ من باب ضرب، واحتَفَلوا: اجتمعوا واحتشدوا. وعنده حَفلٌ من الناس: أي جَمع، وهو في 

الأصل مصدر، ومَحفِلُ القومِ ومُحتَفَلُهم: مجتمعهم، وحَفَلهُ: جلاه، فَتحَفَّلَ واحتَفَلَ، وحَفَل كذا: بالى به، 

ويقال: لا تحفل به ".

وأما الاحتفال بالمعنى المقصود في هذا المقام، فهو لا يختلف كثيرًا عن معناه في اللغة؛ إذ المراد من 

الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه -صلى 

الله عليه وآله وسلم- وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله 

وسلم- وإعلانًا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم -صلى الله عليه وآله وسلم-.

ويدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فإن التهادي أمر 

مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك 

المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام، فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا 

إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- كان أشد مشروعية 

وندبًا واستحبابًا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع 

المذموم

ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سُلِّم هذا

لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغًا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل في فرحهم -رضي الله تعالى عنهم- به -

صلى الله عليه وآله وسلم- ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولا حرج في الأساليب 

والمسالك؛ لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به -صلى الله عليه وآله وسلم- عبادة وأي عبادة، 

والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهةٌ هو موليها.


وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبي لهب -وهو مَن هو كُفرًا وعِنادًا ومحاربة لله ورسوله- بفرحه بمولد خير 

البشر بأن يجعله يشرب من نقرة مِن كَفّه كل يوم إثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثُوَيبة لَمّا بَشَّرَته 

بميلاده الشريف -صلى الله عليه وآله وسلم- كما جاء في صحيح البخاري، فما بالكم بجزاء الرب 

لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون، وقد سن لنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- 

بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف،

 فقد صح أنه كان يصوم يوم الإثنين 

ويقول: «ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ» رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، فهو شكر منه -عليه 

الصلاة والسلام- على مِنّة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأَولى بالأُمَّة الائتساءُ به -صلى 

الله عليه وآله وسلم- بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام 

والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكلُّ ماعُونٍ يَنضَحُ بما فيه، وقد نقل الصالحي في

ديوانه الحافل في السيرة النبوية "سُبُلُ الهُدى والرشاد في هَدي خيرِ العِباد" عن بعض صالحي زمانه: "أنه 

رأى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في منامه، فشكى إليه أن بعض مَن ينتسب إلى العلم يقول 

ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: مَن فرِح بنا فَرِحنا به"
.

حكم في الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين 


وتطرقت الفتوى إلى حكم في الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع 

القُرَب المختلفة؛ وأشارت إلى إن ذلك أمر مرغَّب فيه شرعًا؛ لما في ذلك من التأسي بهم والسير على 

طريقهم، وقد ورد الأمر الشرعي بتذكُّر الأنبياء والصالحين فقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ﴾ 

[مريم: 41]، ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى﴾ [مريم: 51]، وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء، بل يدخل فيه 

الصالحون أيضًا؛ حيث يقول تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾ [مريم: 16]؛ إذ مِن المقرر عند المحققين 

أن مريم عليها السلام صِدِّيقةٌ لا نبية، كما ورد الأمر الشرعي أيضًا بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله 

سبحانه: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]، 

ومِن أيام الله تعالى أيامُ الميلاد وأيامُ النصر؛ ولذلك 

كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يصوم يوم الإثنين من كل أسبوع شكرًا لله تعالى على نعمة 

إيجاده واحتفالا بيوم ميلاده 

كما سبق في حديث أبي قتادة الأنصاري في صحيح مسلم، 

كما كان يصوم 

يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفالًا بنجاة سيدنا موسى عليه السلام،

 وقد كرم 

الله تعالى يوم الولادة في كتابه وعلى لسان أنبيائه فقال سبحانه: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ﴾ [مريم: 15]، 

وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: ﴿

وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ﴾ [مريم: 33]، 

وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمةُ الإيجاد، وهي سبب 

لحصول كل نعمة تنال الإنسانَ بعد ذلك، فكان تذكُّره والتذكير به بابًا لشكر نعم الله تعالى على الناس؛ 

فلا بأس مِن تحديد أيام معينة يُحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، ولا يَقدح في هذه المشروعية ما

قد يحدث في بعض هذه المواسم من أمور محرمة؛ بل تُقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من 

منكرات، ويُنبَّهُ أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساس الذي أقيمت من أجله هذه 

المناسبات الشريفة

الشيخ الدكتور علي جمعة المفتي السابق للديار المصرية

قد كان المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه، وعبر القرآن الكريم عن
وجود النبي ﷺ بأنه « رحمة للعالمين »، وهذه الرحمة لم تكن محدودة؛ فهي تشمل تربية البشر وتزكيتهم، وتعليمهم، وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان، بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ﴾﴿
والاحتفال بذكرى مولده ﷺ من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب له ﷺ ، ومحبَّة النبي ﷺ أصل من أصول الإيمان،
وقد صح عنه أنه ﷺ قال : «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده»، وأنه ﷺ قال : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»
قال ابن رجب: « محبَّة النبي ﷺ من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك،
فقال تعالى:
قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾.
ولما قال عمر للنبي ﷺ: أنت أحـبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلاَّ من نفسي فقال: « لا يا عمر، حتَّى أكون أحبَّ إليك من نفسك» فقال عمر: والله أنت الآن أحبُّ إليَّ من نفسي، قال: «الآن يا عمر»

والاحتفال بمولده ﷺ هو الاحتفاء به، والاحتفاء به ﷺ أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علمنا الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فعرَّف الوجود بأسره باسمه، وبمبعثه، وبمقامه، وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله، وفرجه، ونعمته على العالمين، وحجته

وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله ﷺ، كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين : ابن الجوزي، وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى
وألف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في [المدخل] في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه المدخل في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي

قال خاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي في كتابه «حسن المقصد في عمل المولد» بعد سؤال رفع إليه عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول: ما حكمه من حيث الشرع، وهل هو محمود أو مذموم، وهل يثاب فاعله؟ قال: « والجواب عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس، وقراءة ما تيسر من القرآن، ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي ﷺ وما وقع في مولده من الآيات، ثم يمد لهم سماط يأكلونه و ينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها؛ لما فيه من تعظيم قدر النبي ﷺ وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف
وقد رد السيوطي على من قال : « لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة » بقوله: « نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود » مبينًا أن إمام الحفاظ أبا الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى قد استخرج له أصلا من السنة، واستخرج له هو - يعني السيوطي- أصلا ثانيا موضحا أن البدعة المذمومة هي التي لا تدخل تحت دليل شرعي في مدحها أما إذا تناولها دليل المدح فليست مذمومة»
روى البيهقي عن الشافعي رضى الله عنه قال :« المحدثات من الأمور ضربان؛ أحدهما : أحدث مما يخالف كتابا، أو سنة، أو أثرًا، أو إجماعًا فهذه البدعة الضلالة، والثاني : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه في قيام شهر رمضان نعم البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى. هذا آخر كلام الشافعي

قال السيوطي: « وعمل المولد ليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع، فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي، وهو من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان، فهو إذن من البدع المندوبة كما عبر عنه بذلك سلطان العلماء العز ابن عبد السلام »

وأصل الاجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة؛ لأن ولادته أعظم النعم علينا والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، وهذا ما رجحه ابن الحاج في المدخل حيث قال : « لأن في هذا الشهر مَنَّ الله تعالى علينا بسيد الأولين والآخرين، فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير وشكر المولى على ما أولانا به من النعم العظيمة

والأصل الذي خرج عليه الحافظ ابن حجر عمل المولد النبوي هو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي ﷺ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا : هذا يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله تعالى، قال الحافظ: « فيستفاد منه فعل شكر الله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر يحصل بأنواع العبادات كالسجود، والصيام، والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم ؟

ويؤكد الحافظ ابن حجر على مظاهر ذلك الاحتفال، فيقول : «فينبغي أن نقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة، والإطعام، وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة وما كان مباحًا بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به »

ونقل السيوطي عن إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري من كتابه «عرف التعريف بالمولد الشريف» قوله : «إنه صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في النار كل ليلة اثنين لإعتاقه ثويبة عندما بشرته بولادة النبي ﷺ، فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي ﷺ، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي ﷺ يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته ؟ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنة النعيم
وأنشد الحافظ شمس الدين الدمشقي في كتابه المسمى مورد الصادي في مولد الهادي:
إذا كان هــــــــــذا كافرا جـــــــــــاء ذمه
وتبَّت يــــــــــداه في الجـحيـــــــم مخــــــــــــلدا
أتى أنـــــــــه في يـــــــــوم الاثنين دائما
يخـــــــفف عنـــــــــــه للسرور بأحمــــــــــدا
فما الظن بالعبــــــد الذي كان عمــــــــــره
بأحمــــــــد مسرورا ومات موحدا؟ اه

كما يمكن الاستدلال بعموم قوله تعالى : ﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾، فلا شك أن مولد النبي ﷺ من أيام الله فيكون الاحتفال به ما هو إلا تطبيقًا لأمر الله، وما كان كذلك فلا يكون بدعة، بل يكون سنة 
حسنة حتى ولو لم يكن على عهد رسول الله ﷺ
وأشارت الفتوى إلى نص جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى -لمن له عقل وفهم وفكر سليم- إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في "المدخل" في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه "المدخل" في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها "حُسن المَقصِد في عمل المولد
وأشارت الفتوى إلى نص جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى -لمن له عقل وفهم وفكر سليم- إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في "المدخل" في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه "المدخل" في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها "حُسن المَقصِد في عمل المولد


ونحن نحتفل بمولده ﷺ؛ لأننا نحبه، ولِمَ لا نحبه وقد عرفه وأحبه كل الكائنات؛
فهذا الجذع وهو جماد أحب النبي ﷺ وتعلق به واشتاق إلى قربه الشريف ﷺ، بل وبكى بكاء شديدًا تشوقا للنبي ﷺ، وقد تواتر هذا الخبر، وصار العلم به محتم، وروي عن أكثر من صحابي من أصحاب رسول الله ﷺ : « أنه عندما كان النبي ﷺ يخطب قائمًا معتمدًا على جذع نخل منصوب، فإذا طال وقوفه وضع يده الشريفة على ذلك الجذع، ولما كثر عدد المصلين صنع له الصحابة منبرًا، فلما خرج ﷺ من باب الحجرة الشريفة يوم الجمعة يريد المنبر، وجاوز الجذع الذي كان يخطب عنده إذا بالجذع يصرخ صراخًا شديدًا، ويحن حنينا مؤلمًا حتى ارتج المسجد وتشقق الجذع، ولم يهدأ، حتى نزل النبي ﷺ عن المنبر وأتى الجذع، فوضع يده الشريفة عليه، ومسحه، ثم ضمه بين يديه إلى صدره الشريف حتى هدأ، ثم خيره بأن سارره بين أن يكون شجرة في الجنة، تشرب عروقه من أنهار الجنة، وبين أن يعود شجرة مثمرة في الدنيا، فاختار الجذع أن يكون شجرة في الجنة فقال ﷺ أفعل إن شاء الله، أفعل إن شاء الله، أفعل إن شاء الله» فسكن الجذع، ثم قال ﷺ
« والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لبقي يحن إلى قيام الساعة شوقًا إلى رسول الله ﷺ
ومما سبق ذكره من أقوال الأئمة كابن حجر، وابن الجوزي، والسيوطي، وغيرهم، وتبين أن هذا حال الأمة من القرن الخامس الهجري، نرى استحباب الاحتفال بالمولد الشريف موافقة للأمة والعلماء، وأن يكون الاحتفال بما ذكر من تلاوة القرآن والذكر وإطعام الطعام، ولا يتطرق إليه مظاهر مذمومة كالرقص والطبل وما إلى ذلك، ولا عبرة بمن شذ عن هذا الإجماع العملي للأمة وأقوال هؤلاء الأئمة؛ وليس ذلك الاحتفال بكثير على النبي ﷺ الرحمة المهداة حبيب رب العالمين

وفي الختام أذكر قول صاحب البردة
فهو الذي تم معنــــــــاه وصـــــــــورته
ثم اصطفــــــــــاه حبيبًا بارئُ النَّســــــــمِ
منزهٌ عن شـــــــــريـكٍ فـي محاسنـــــــه 
فجـــــوهر الحسن فيـــــــــــه غيرُ منقسـمِ
دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيـــــــــهم
واحكم بما شئت مـدحًا فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وانسب إلى قــــــــــدره ما شئت من عظمِ

الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية

  علي جميع المسلمين في الشرق والغرب، الاحتفال بمولد نبيهم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
ان الاحتفال بالمولد النبوى، أصل من أصول الدين ، والاحتفال به مباح ، بل إنه من أفضل الأعمال، وأعظم القربات، بخاصة أنه دليل على حب المسلمين لنبيهم الكريم، ولإحياء ذكراه وذكرى مولده، والاحتفاء به، احتفاء بالنبى

الاحتفال، يعنى التقرب إلي الله بكافة الأعمال من إقامة الصلوات والصوم أو إطعام الطعام، خاصة أن الناس تحتاج إلى قيم نبيلة للتذكير دوما بالدين وواجباته

No comments:

Post a Comment